بنزيما- من لاعب ظل لرونالدو إلى نجم ريال مدريد المتألق

المؤلف: محمد القحطاني (جدة) mhq111@08.06.2025
بنزيما- من لاعب ظل لرونالدو إلى نجم ريال مدريد المتألق

منذ انتقال كريستيانو رونالدو من ريال مدريد في عام 2018، برز كريم بنزيما كهداف غزير، حيث حقق أكثر من 30 هدفاً في كل موسم عبر مختلف المسابقات. هذا الرقم يمثل تحسناً ملحوظاً مقارنة بالموسم الذي سبق رحيل النجم البرتغالي، حيث سجل 20 هدفاً.

علق كريم بنزيما قائلاً: "عندما تلعب بجوار لاعب يسجل 50 أو 60 هدفاً في الموسم، فمن الطبيعي أن تكون في خدمته، لأنه ببساطة يمتلك قدرة تهديفية استثنائية."

وعندما سُئل عن دوره المتغير في ريال مدريد قبل وبعد رونالدو، أوضح بنزيما: "كان علي أن أتأقلم مع وجوده، وعندما رحل، كان علي أن أتحمل مسؤولية أكبر وأظهر قدرتي على صناعة الفارق."

يبرهن بنزيما على ذلك بالأرقام، حيث تصدر قائمة هدافي دوري أبطال أوروبا هذا الموسم برصيد 14 هدفاً، مؤكداً على مكانته كأحد أبرز المهاجمين في العالم.

أمضى بنزيما، البالغ من العمر 34 عاماً، سنوات عديدة في البرنابيو تحت ظل رونالدو. لكنه الآن يتربع على عرش النجومية في ريال مدريد، بعد أن تحول من لاعب يصنع الفرص لزملائه إلى هداف حاسم وأحد أفضل المهاجمين في تاريخ كرة القدم الأوروبية.

لا يقتصر الأمر على تسجيل الأهداف بغزارة، بل يتميز بنزيما بتسجيل أهداف ذات جودة عالية، وتنفيذ لمسات نهائية معقدة تتجاوز قدرات العديد من المهاجمين الآخرين، سواء بقدميه أو برأسه.

لم تكن الأمور دائماً بهذه الروعة، فقد تعرض بنزيما لانتقادات لاذعة بسبب إهداره للفرص. في الواقع، عانى بشدة في بداية موسم رونالدو الأخير مع ريال مدريد. خلال مباراة التعادل 2-2 مع فالنسيا في أغسطس 2017، أضاع بنزيما ست فرص محققة، مما أثار استياء الجماهير في البرنابيو.

استمر هذا التراجع طوال موسم 2017-2018، حيث كان أداء بنزيما أقل من الأهداف المتوقعة (xG) بفارق 8.97 هدف. بمعنى آخر، سجل 9 أهداف أقل مما كان متوقعاً من الفرص التي أتيحت له. على النقيض من ذلك، سجل بنزيما 25 هدفاً في الدوري الإسباني هذا الموسم، متجاوزاً معدل الأهداف المتوقعة (xG) البالغ 19.85 هدف.

لطالما تميز بنزيما بلمسته الساحرة وقدرته على التحكم بالكرة، لكنه الآن يوظف هذه المهارات بفعالية أكبر داخل منطقة الجزاء.

تعكس الإحصائيات هذا التحول، ففي موسم 2017-2018، قام بنزيما بـ 93 لمسة في منطقة جزاء الخصم. هذا الموسم، من المتوقع أن يتجاوز هذا الرقم بسهولة، حيث وصل بالفعل إلى 86 لمسة مع تبقي أكثر من شهر على نهاية الموسم.

في الماضي، كان بنزيما غالباً ما يلعب بظهره للمرمى، ساعياً لإيجاد مساحة لرونالدو وغيره من اللاعبين في الملعب. لا يزال يفعل ذلك في بعض الأحيان، لكن في السنوات الأربع التي تلت رحيل رونالدو، غيّر بنزيما مساره وأصبح المهاجم الأول والنجم الأبرز في ريال مدريد.

إلى جانب مهاراته الفنية الرفيعة، يتمتع بنزيما بذكاء كروي حاد، فهو يعرف تماماً ما يجب أن يفعله عندما يتحرك من اليسار إلى الداخل.

تجسد ذلك في مباراة فرنسا ضد إسبانيا في نهائي دوري الأمم في أكتوبر الماضي، عندما سجل هدفاً رائعاً بعد أن استغل مساحة صغيرة أمام الظهير الأيمن الإسباني سيزار أزبيليكويتا، وأدرك أنه لا يوجد زملاء آخرون في وضع أفضل للتسجيل، فسدد الكرة ببراعة فوق الحارس أوناي سيمون من زاوية صعبة. وبعدها، وقبل نهاية المباراة بعشر دقائق، وجد بنزيما نفسه في موقف مماثل على الجانب الأيسر، لكنه هذه المرة مرر الكرة إلى كيليان مبابي الذي سجل هدف الفوز.

يثبت بنزيما فعاليته الكبيرة في هذه المنطقة من الملعب. في الدوري الإسباني هذا الموسم، تأتي 48% من لمسات بنزيما خارج منطقة الجزاء في الثلث الأيسر من الملعب.

كما ساهم تمركزه في هذه المنطقة في بناء شراكة قوية مع الجناح الأيسر البرازيلي فينيسيوس جونيور، الذي سجل 17 هدفاً في جميع المسابقات هذا الموسم.

لقد تبادل بنزيما وفينيسيوس صناعة وتسجيل 18 هدفاً هذا الموسم، وغالباً ما يعتمدان على تكتيك بسيط ولكنه فعال، حيث يتراجع بنزيما إلى الخلف لسحب مدافعي الخصم من الخط الخلفي، مما يمنح فينيسيوس مساحة لاستغلال سرعته والانطلاق نحو المرمى.

"هناك مهاجمون لا يلمسون الكرة طوال المباراة، ثم في الدقيقة 87 يسجلون هدفاً ويشعرون بالسعادة. أما أنا، إذا لم أساهم كثيراً في اللعب، ولكني أسجل في الدقيقة 90، أشعر بالضيق."

هذا اقتباس لبنزيما من عام 2017، وعلى الرغم من تطوره المذهل في تسجيل الأهداف في السنوات الخمس اللاحقة، إلا أن جوهر هذه الكلمات لا يزال ينعكس في أسلوب لعبه حتى اليوم.

لا يزال بنزيما هو المحرك الرئيسي للعديد من هجمات ريال مدريد، كما تجلى ذلك في مباراتي الذهاب والإياب ضد تشيلسي في دوري أبطال أوروبا.

لم يقتصر الأمر على أن بنزيما كان أفضل هداف في الدوري الإسباني هذا الموسم، بل تصدر أيضاً قائمة صانعي الأهداف برصيد 11 تمريرة حاسمة. يحافظ بنزيما على خصائصه الكلاسيكية كصانع ألعاب ويستخرج أفضل ما لدى زملائه في الفريق، لكنه الآن يجمع هذا مع أرقام تهديفية هائلة قد تدفعه إلى المنافسة بقوة على جائزة الكرة الذهبية.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة